ياسين الرشيد
الحوار المتمدن - العدد: 2165 - 2008 / 1 / 19
قالها : لا يوجد في بلادنا مثليون كما في بلادكم و كان يقصد الولايات المتحدة الأمريكية ... ضحك الكثيرون واستهزأ منه بعض الحضور ... فقال مستغلا الضجة من حوله أنه لا يسمع جيدا وأسترسل في الكلام عن المرأة ومكانتها في إيران، هكذا تهرّب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من سؤال وجهه له أحد الطلبة الأمريكيين حول معاناة المثليين في ظل قوانين الجمهورية الإسلامية التي تجرّم صراحة ممارسة الجنس المثلي حدّ الشنق، الرجم، القتل بالسيف، أو الحرق بالنار، يقول الشيخ الصدوق في كتابه المقنع: و اعلم أن اللواط هو ما بين الفخذين، فأما الدبر فهو الكفر بالله العظيم (1)و أعلم أن حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج، لأن الله أهلك أمة بحرمة الدبر و لم يهلك أحدا بحرمة الفرج(2)و اعلم أن عقوبة من لاط بغلام أن يحرق بالنار أو يهدم عليه حائط أو يضرب ضربة بالسيف(3) ... و كان نصيب الشابين الإيرانيين م.أ. و أ.م المتمهمين بممارسة اللواط وعمرهما حسب منظمة العفو الدولية لم يتجاوز السبعة عشر سنة أن يلتف حول عنقيهما حبل المشنقة و قد جاء في اعترافهما البريء أن معظم الشباب الصغار سنا يمارسون الجنس فيما بينهم و أنهما لم يعرفا مسبقا أن عقاب المثلية الجنسية هو الموت ... معصوبا العينين ، شاحبا الوجهين، يشد خناقهما ملثمين، سُحبت المنصة فتدلى الجسدان الصغيران، جثتان هامدتان : اشنقوني فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا وامتثل سافرا محياك جلادي و لا تلتثم فلست حقودا
و قد انتقدت منظمة العفو الدولية يومها إعدام الولدين الصغيرين واصفة إيران بأنها آخر دولة تعدم الأطفال
وكما في إيران، في أفغانستان، في المملكة العربية السعودية، في اليمن، في السودان، في موريتانيا، و في نيجيريا كان قدر المثليين دائما الإعدام ، السجن لعشر سنوات في جزر المالديف و في غينيا بيساو و تطول قائمة الدول أعداء المثلية ممن استباحوا دماءنا و اغتصبوا حريتنا ... !؟
و في ظل هاته العقوبات القاسية التي استُلهم معظمها من قصة قوم سيدنا لوط عليه السلام يتبادر إلى الأذهان سؤال عن مدى جدواها في ردع المثليين و ثنيهم عن توجهاتهم الجنسية
إن هاته القوانين الجائرة إنما ساهمت بطريقة أو بأخرى في تفشي الفاحشة المراد استئصالها، فحالة الخوف التي تولدت في نفوس الكثير من المثليين زادت من عزلتهم و دفعت بهم إلى حياة الظل حيث أصبحوا فريسة للاستغلال الجنسي و خاصة المراهقين منهم ، فالمغايرون الذين يعيشون حالة من الكبت و الحرمان الجنسي في ظل غلاء المعيشة و تقاليد المجتمع الصارمة لا يجدون من وسيلة لإشباع رغباتهم المكبوتة إلا المثليين الذين قد تنطلي عليهم و هذا ما يحدث في غالب الأحيان أكاذيب المغايرين و يجد المثلي نفسه يغرق في دوامة تعدد العلاقات الجنسية و في كل مرة نفس الحكاية قصة حب تتلاشى عند نشوة القذف ، بينما يدمن المغاير و في غفلة منه إتيان الرجال و لطالما تساءلت هل انصرف قوم سيدنا لوط عليه السلام عن أزواجهم إلى الذكران من العالمين ؟ ( بصيغة أخرى هل كانوا من المغايرين أم المثليين ؟ ) :{ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِيْنَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ ربُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ عَادُونَ } صدق الله العظيم
فكان زواج المتعة ( و هي الصورة الأسوأ للحرية الجنسية ) و زواج المسيار و غيرهما وسائل قد تحد من هذه المشكلة ، المشكلة العاطفية و الجنسية بالنسبة للمغايرين ... إلا أن نزوح المرأة للاستقرار ينأى عنها في غالب الأحيان عن مثل هذه الممارسات رغم ما تكتسيه من شرعية دينية و لطالما صرّحت الحكومة الإيرانية بأنها غير قادرة على تحمل تبعات زواج المتعة
كما أجاز الإمام الخميني إجراء عمليات التحول الجنسي مشترطا أسبابا نفسية أو جسدية فأولوية الروح على الجسد في المنظومة الفقهية الشيعية سعت للقضاء على الآلام النفسية و الأمراض التي تعكر على الروح صفوها ونقاوتها و من المفارقات السخيفة أن قوانين الجمهورية تميز و في وعي علمي تام بين المتحولين جنسيا و المثليين جنسيا أو الشواذ كما تسميهم فتبيح تحول أولئك و تنكر على هؤولاء ذلك و تخيّرهم بين التوبة و القتل ... بحسب المادة 156 من قانون العقوبات الإيراني : الشخص الذي يندم على فعلته ويعترف بسلوكه المثليّ قبل اكتشافه من طرف أربع شهود، يمكن مسامحته
غير أن التحول الجنسي لا يشكل أي حل يذكر بالنسبة للمثليين فمعظمهم يتصفون بإعلاء شأن القيم الذكورية ، أي أنهم في أعماقهم يطمحون لأن يكونوا الذكر المثالي و الشخص القوي الساحر النظرات ذو الوجه الوسيم و العضلات ... لا أن يتحلوا إلى امرأة ظلوا منها ينفرون ...!؟
و ليست عقوبة السجن بأهون من القتل، وكأنك تقدم المثليين قرابين عند منصة الجنس ليس رغبة منهم و إنما ضعفا منهم في مواجهة قوم مجرمين : {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتقْطَعُونَ السَّبِيْلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيْكُمُ المُنْكَرَ} صدق الله العظيم
هكذا يصبح السجن و في إطاره القانوني ناديا للمنكرات و ينقلب السحر على الساحر فكما تعاني مجتمعاتنا من أزمة سكن تعاني السجون من أزمة غرف و في أحسن الحالات سيأكل القوي الضعيف فماذا إذا حُبس القاصر مع الراشد ... !؟ ستكون الكارثة
إن التشابه الجزئي بين قصة قوم سيدنا لوط عليه السلام وما نشهده اليوم من لهاث المغايرين وراء مؤخرات المثليين إنما يدفعنا بالضرورة لتقبل المثلية كحل جريء، تفاديا لشيوع الفاحشة
إن مساعدة المثلي على تقبل ذاته و انتشاله من عالم العزلة الذي فرضته عليه نظرة المجتمع و تلك القوانين الجائرة سيحميه حتما من كل ذاك الاستغلال الجنسي الذي يتعرض له من قبل بعض الانتهازيين من المغايرين، فالمثلي يبحث عن الإشباع العاطفي كما الجنسي، الأمر الذي سيحصر العلاقات المثلية في إطارها السليم أي بين المثليين أنفسهم على قلتهم في أي مجتمع و بالتالي الحد من تلك الفوضى الجنسية و محاصرتها على أمل أن لا يجد بعض المغايرين من بعد المثليين أي بديل يفرغون فيه نار شهواتهم غير الزواج على سنة الله و رسوله، فيسروا و لا تعسروا... !؟
لقد أثبت الإنسان أنه أقوى من الموت و الدمار فرغم كل الحروب و المآسي كانت الحياة تدب مع صراخ كل طفل يولد ... كذلك لن تفلح عقوبة الإعدام في إبادة المثلية لأنها تولد مع الإنسان كما لن تفلح الزنزانة في أسرها لأنه( أي الإنسان) تواق للحرية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=122104
ياسين الرشيد: مدون مثلي جزائري http://www.say195.blogspot.com